هو علم اجتماعي يهتم بتحليل الأنشطة التجارية، وبمعرفة كيفية إنتاج السلع والخدمات. ويَدرس علم الاقتصاد الطريقة التي تُنتج بها الأشياء التي يرغب فيها الناس وكذلك الطريقة التي توزع بها تلك الأشياء. كما يدرس الكيفية التي يختار بها الناس والأمم الأشياء التي يشترونها من بين الحاجات المتعددة التي يرغبون فيها.
وفي كل الأقطار، تكون الموارد المستخدمة لإنتاج السلع والخدمات قليلة. أي أنه لا يتوافر لأي أمة من الأمم ما يكفي من المزارع ، والمصانع ، أو العمال لإنتاج كل ما يريده الجميع. وتتسم الأموال بالندرة أيضًا. فالقليل من الناس لديهم الأموال الكافية لشراء كل ما يريدونه، وفي الوقت الذي يريدونه. وعليه فإنه يتعين على الناس في كل مكان أن يختاروا أفضل الطرق لاستعمال مواردهم وأموالهم. فقد يتعين على الأطفال أن يختاروا بين إنفاق مصروفهم على شريط أو على شراء شريحة من لحم البقر. كما قد يتعين على أصحاب المحلات التجارية أن يختاروا بين قضاء عطلة صيفية أو توظيف مدخراتهم في شراء المزيد من البضائع. وكذلك قد يتعين على الأمة إنفاق أموال دافعي الضرائب على بناء المزيد من الطرق أو المزيد من الغواصات. فمن وجهة النظر الاقتصادية، يتعين على الأطفال وأصحاب المحلات والأمة أن يقتصدوا في سبيل مقابلة الاحتياجات والرغبات. ويعني هذا أنه يجب عليهم أن يستخدموا الموارد التي بحوزتهم في سبيل إنتاج الأشياء التي يرغبون فيها أكثر من غيرها.
يُعرِّف الاقتصاديون (المتخصصون في علم الاقتصاد) الاقتصاد بأنه العلم الذي يُعنَى بـدراسة كيفية إنتاج السلع والخدمات وتوزيعها. ويعني الاقتصاديون بالسلع والخدمات كل ما يمكن أن يباع ويشترى. ويعنون بالإنتاج معالجة السلع والخدمات وتصنيعها. أما كلمة توزيع فيعنون بها الطريقة التي يتم بها تقسيم السلع والخدمات بين الناس.
تنقسم دراسات الاقتصاد عادة إلى فرعين: الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي
ويُعّرف الاقتصاد الكلي بأنه ذلك الجزء من الاقتصاد، الذي يبحث في شؤون النظام الاقتصادي بمجمله بدلاً عن القطاعات المنفردة الموجودة فيه، فعلى سبيل المثال، فإن دراسة الاقتصاد الكلي لأمة من الأمم ستبحث في الناتج القومي الإجمالي وتحلله . ثم تنظر تلك الدراسة في العلاقات التي تربط بين هذه المؤشرات الاقتصادية المهمة، وتحاول أن توضح التغييرات التي تمر بها تلك المؤشرات خلال فترة زمنية معينة، ربما تمتد لخمس سنوات.
ومع إتاحة هذه المعلومات لهم، فإنه يصبح بإمكان الاقتصاديين أن يبنوا التنبؤات، عما سيحدث إذا ما تم اتخاذ قرارات اقتصادية معينة. وقد تكون هذه القرارات في شكل زيادة الإنفاق الحكومي أو رفع معدلات أسعار الفائدة.
أما دراسات الاقتصاد الجزئي فهي تُركز على قطاع منفرد من الاقتصاد، وتبحث في التأثيرات المتعلقة بذلك القطاع بكثير من التفصيل. وقد يتكون هذا القطاع من مجموعة من المستهلكين، أو من شركة معينة أو من سلعة من السلع. ومن الأهداف الرئيسية للدراسة الاقتصادية الجزئية تحديد الكيفية التي تؤثر بها قرارات المستهلك وأنشطته، أو الشركة، أو أي وحدة أخرى مدروسة، على الأسعار الخاصة بسلعة أو خدمة معينة.
وتستدعي دراسة سلعة من السلع كالمطاط، على سبيل المثال، النظر إلى الكمية المعروضة منها والأسعار التي يتلقاها المنتجون مقابلها ويدفعها المستهلكون. وكذلك تنظر الدراسة إلى السلع المنافسة الأخرى للمطاط، مثل المطاط الاصطناعي، وأسعارها. وإذا ما زادت نسبة الأسعار عن مستوى معين أخذ المستهلكون في تخفيض طلبهم على سلعة المطاط، وربما يتحولون إلى بديل آخر مناسب. ومن الجهة المقابلة فإن هنالك مستوى من السعر لايستطيع المنتج أن يبيع المطاط بأقل منه للمستهلكين. فإذا تناقص هذا السعر إلى مستوى أقل، فإن المنتج لايستطيع تغطية التكاليف بل سيجب عليه تحمل الخسارة بدلاً من الربح. فإذا حدث هذا الأمر، توقف الإنتاج والكميات المعروضة، حتى يعود بإمكان المستهلكين أن يدفعوا سعراً يُغطي تكاليف المنتج، ويحقق له بعض الأرباح التي يعيش عليها، ويقابل متطلباته الاستثمارية الجديدة منها.
ويُستخدم الاقتصاد القياسي الذي يُعنَى باستخدام التحليل الرياضي والإحصائي، في كل من دراسات الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي.
المشكلات الاقتصادية
ينبغي على كل أمة أن تنظم عملية إنتاج السلع وتوزيعها والخدمات التي يطلبها مواطنوها. ولتحقيق ذلك، فإِن النظام الاقتصادي للأمة لابد له من طرح الحلول المناسبة للأسئلة الأربعة الأساسية التالية:
1- ما الذي ينبغي إنتاجه من السلع والخدمات؟
2- كيف سيجري إنتاج تلك السلع والخدمات؟
3- من الذي سيتلقى السلع والخدمات المنتجة؟
4- بأي سرعة سينمو الاقتصاد؟
ما الذي ينبغي إنتاجه؟
ليس بإمكان أي أمة أن تنتج كل ما يكفيها من السلع والخدمات اللازمة للوفاء بكامل احتياجات مواطنيها. ولكن أيُّ السلع والخدمات التي يمكن اعتبارها أكثر أهمية من بين مجموعات السلع والخدمات المختلفة؟ هل من الأفضل استخدام الأرض لرعي الماشية أم لزراعة القمح؟ وهل يجب استخدام المصنع لإنتاج الصواريخ، أم لإنتاج الجرارات، أم أجهزة التلفاز؟
كيف سيجري إنتاج السلع والخدمات؟
أينبغي على كل أسرة أن تزرع غذاءها وتنسج كساءها؟ أم ينبغي إنشاء صناعات متخصصة لتوفر تلك السلع؟ أم ينبغي استخدام العديد من العمال في صناعة معينة؟ أم من الأفضل صناعة المزيد من الآلات التي تضطلع بمختلف المهام؟
من الذي سيتلقى السلع والخدمات؟
هل يجب أن ينال الجميع أنصبة وحصصًا متساوية من السلع والخدمات؟ وما السلع والخدمات التي يجب أن تُخصص للقادرين على شرائها؟ ثم ما السلع والخدمات التي يجب توزيعها بطرق أخرى؟
بأي سرعة سينمو الاقتصاد؟
ينمو الاقتصاد حينما يُنتج المزيد من السلع والخدمات. وعلى الأمة أن تُحدد النسبة من مواردها النادرة التي ينبغي أن تُستعمل لبناء المصانع والآلات، ولتقديم المزيد من التعليم لأبنائها بما يكفل زيادة الإنتاج في المستقبل. كذلك يجب معرفة كم من موارد البلاد، يلزم تخصيصه لإنتاج السلع والخدمات، مثل الغذاء والكساء للاستهلاك المباشر، إضافة إلى ذلك ينبغي على الأمة أن تُقرر الكيفية التي تتفادى بها البطالة والنكسات الاقتصادية الأخرى التي تبدد موارد البلاد.
كيفية نمو الاقتصاد
لابد للاقتصاد من النمو حتى يتمكن من توفير مستوى معيشي مرتفع ومتزايد للناس، أي ما يكفل لهم الحصول على المزيد من السلع والخدمات، وأن تكون نوعيتها أفضل. وبصورة عامة فكلما تسارع نمو اقتصاد بلد ما تحسنت مستويات المعيشة فيه وارتفعت.
تنمية الاقتصاد
هنالك أربعة عناصر رئيسية تجعل من الممكن للبلاد أن تنتج السلع والخدمات. وهذه العناصر التي تسمى بـالموارد الإنتاجية هي:
1- الموارد الطبيعية
2- رأس المال
3- اليد العاملة
4- التقنية.
يعرِّف الاقتصاديون الموارد الطبيعية بأنها تشمل الأرض والمواد الخام، مثل المعادن والمياه وضوء الشمس. ويضم عنصر رأس المال المصانع والأدوات والمؤن والمعدات. أما اليد العاملة فتعني كل الناس الذين يعملون أو يبحثون عن عمل، كما تعني مستوياتهم التعليمية وخبراتهم العملية. وتشير التقنية إلى البحث العلمي والبحث في مجال الأعمال والمخترعات.
ولتحقيق النمو، فإن اقتصاد أمة معينة لابد أن يزيد من مواردها الإنتاجية. فعلى سبيل المثال، ينبغي على الأمة أن تستعمل جزءًا من مواردها لبناء المصانع والمعدات الثقيلة وغيرها من المواد الصناعية، ومن ثم يمكن استعمال هذه المواد الصناعية لإنتاج المزيد من السلع الأخرى في المستقبل. كذلك ينبغي على البلاد أن تبحث عن المزيد من الموارد الطبيعية وأن تنميها، وأن تبتكر تقنيات جديدة، وأن تُدرب العلماء والعمال ومديري الأعمال الذين سيوجهون الإنتاج المستقبلي. وتُسمى المعرفة التي تكتسبها هذه الفئات رأس المال البشري.
قياس النمو الاقتصادي
إن قيمة كل ما يُنتج من سلع وخدمات في سنة معينة تساوي الناتج الوطني الإجمالي . ويُقاس معدل نمو الاقتصاد بالتغير في الناتج الوطني الإجمالي خلال فترة معينة، عادة ما تكون سنة بعد سنة. وفي الفترة من سنة 1970 إلى 1988م نما الناتج الوطني الإجمالي لبلدان مختلفة بمعدلات متوسطة يختلف بعضها عن بعض كثيرًا، وذلك بعد إجراء التصحيحات اللازمة لاستبعاد أثر التضخم. وقد تحققت المعدلات التالية:
بريطانيا 2,2%، الولايات المتحدة 2,9%، أيرلندا 3%، أستراليا 3,3%، كندا 4,4%، ماليزيا 6,5%، سنغافورة 8%، هونج كونج 8,8%، جنوب إفريقيا 9,2%.
ويُمكن قياس درجة النمو الاقتصادي للبلاد بإتباع طريقة أخرى، وذلك بدراسة المستوى المعيشي لمواطني البلاد. وللحكم على المستوى المعيشي يُقسم الاقتصاديون أحيانًا الناتج الوطني الإجمالي للبلاد على إجمالي عدد السكان، وينتج من ذلك الحصول على مقياس متوسط الناتج الوطني الإجمالي الفردي. ويقيس متوسط الناتج الوطني الإجمالي الفردي قيمة السلع والخدمات التي قد يحصل عليها الفرد في المتوسط، وذلك إذا ماتم تقسيم كل السلع والخدمات المنتجة في البلاد في تلك السنة على السكان بصورة متساوية.
أنواع الأنظمة الاقتصادية
تتناول هذه الفقرة أنواع الأنظمة الاقتصادية في الغرب – أما بالنسبة للاقتصاد الإسلامي فسيكون الحديث عنه في موضوع قادم بإذن الله تعالى – .
تطورت في الغرب والشرق نظم اقتصادية متباينة، وذلك لأن الأمم المختلفة لم تتفق يومًا على الكيفية التي يجب أن تحل بها مشكلاتها الاقتصادية الأساسية. وفي عالم اليوم ثلاثة نُظم اقتصادية مهمة هي:
1- الرأسمالية 2- الأنظمة الاقتصادية المختلطة 3- الشيوعية.
وتتضمن الأنظمة الاقتصادية لكثير من البلدان عناصر مشتركة من نظم اقتصادية مختلفة.
الرأسمالية :
هي النظام الاقتصادي لكثير من البلدان في مختلف أرجاء العالم. وسميت رأسمالية لأن الفرد بوسعه أن يمتلك الأرض ورأس المال مثل المصانع والشقق السكنية والسكك الحديدية. وتشجع الرأسمالية حرية العمل التجاري والاقتصاد الحر، لأنها تسمح للناس بأن يباشروا أنشطتهم الاقتصادية بصورة مباشرة ومتحررة إلى حد كبير من التدخل والتحكم الحكوميين.
وكان الاقتصادي الاسكتلندي آدم سميث أول من طرح مبادئ النظام الرأسمالي، وذلك في القرن الثامن عشر الميلادي. وقد آمن سميث بأن الحكومات ينبغي عليها ألا تتدخل في معظم الأعمال. وكان يعتقد أن رغبة رجال الأعمال في تحقيق الأرباح، إذا ما تم تنظيمها وتقنينها وتأطيرها بالمنافسة، فستعمل مثل اليد الخفية لإنتاج ما يرغبه المستهلكون. وتُعرف فلسفة سميث بعبارة دعهُ يعمل (عدم التدخل).
ولا يزال تركيز آدم سميث على الحرية الفردية الاقتصادية يمثل حجر الزاوية للنظام الاقتصادي الرأسمالي. لكن نمو قطاعات الأعمال الحديثة، والمدن، والتقنيات المتبعة، وتعقد كل هذا، قاد الناس إلى إعطاء الحكومات المزيد من الأعباء الاقتصادية يفوق ما خصها به سميث. وفي حقيقة الأمر، فإن العديد من الاقتصاديين يُعرِّفون النظام الأمريكي بأنه نموذج مُعدل من الرأسمالية لأن الحكومة تقوم بدور مهمّ فيه.
الأنظمة الاقتصادية المختلطة :
وتدعى أيضًا بالأنظمة الاقتصادية الموجهة. تشتمل هذه الأنظمة على المزيد من التحكم والتخطيط الحكوميين بالمقارنة مع الأنظمة الرأسمالية. ففي الاقتصاد المختلط، غالبًا ما تمتلك الحكومة صناعات مهمة، مثل النقل والكهرباء والغاز والمياه وتسيرها. أما أغلب الصناعات المتبقية فيمكن أن تكون ذات ملكية خاصة. والاشتراكية هي النوع الرئيسي من أنواع الاقتصاد المختلط.
وبعض البلدان ذات الأنظمة الاقتصادية المختلطة دول ديمقراطية، إذ ينتخب أفراد الشعب في تلك البلدان حكوماتهم، ويقترعون على بعض السياسات الاقتصادية، كذلك قد يقترعون لزيادة مقدار التحكّم الذي تمارسه الحكومة على الاقتصاد أو تقليصه. وتُسمى الأنظمة الاقتصادية لتلك البلدان غالبًا الاشتراكية الديمقراطية.
الشيوعية :
الشيوعية في صورتها التقليدية، مبنية على ملكية الدولة لكل الموارد المنتجة تقريبًا وعلى هيمنة الحكومة على كل الأنشطة الاقتصادية المهمة. ويتخذ مخططو الحكومة كل القرارات المتعلقة بإنتاج السلع وتسعيرها وتوزيعها . ولكن في كثير من الأقطار التي جرى تطبيق هذا النظام فيها، لم يؤد ذلك التطبيق إلى ازدهار الاقتصاد. وبنهاية الثمانينيات من القرن العشرين بدأت الكثير من البلدان الشيوعية ـ خاصة الاتحاد السوفييتي السابق وبلدان أوروبا الشرقية الأخرى ـ في التنصل من النظام الشيوعي التقليدي والتخلي عنه؛ فقد خففت هذه البلدان من درجة التحكم الحكومي في الاقتصاد وشرعت في السماح بالملكية الخاصة للمزارع والمصانع.
الاقتصاد الرأسمالي :
في كل يوم ينكب الملايين من الرجال والنساء في الدول الرأسمالية على العمل في المزارع والمصانع والمكاتب، وينتجون ثروة هائلة من السلع والخدمات في كل سنة. ولا تفرض الحكومات على الناس المكان الذي يجب أن يعملوا فيه، كما لا تقرر ما الذي يجب إنتاجه في المزارع. كذلك لا تفرض الحكومات الأسعار التي يجب دفعها ثمنًا لمعظم السلع والخدمات. وعلى الرغم من ذلك، فإِن العمل يُنفَّذ والأسعار تُحدَّد، ويتلقى معظم الناس المنتجات التي يحتاجونها.
كيف يعمل الاقتصاد على الرغم من هذا النزر اليسير من التخطيط؟
إن رغبة معظم الناس في تحسين مستوى معيشتهم هي التي تجعل هذا النظام ناجحًا. فللناس مُطلق الحرية في أن يحسنوا من وضعهم الاقتصادي؛ إذ يمكنهم أن يحاولوا الحصول على وظيفة في المكان الذي يفضلونه على سواه، وبصورة عامة فإنه يمكنهم إنفاق دخلهم بأي طريقة يودونها. وتشارك الحكومة بالطبع في العديد من النشاطات الاقتصادية المهمة. ولكن في معظم الأحوال، فإن الاقتصاد الرأسمالي يعمل وحده، أي يضطلع الناس بدور المستهلكين والعمال والإدارة. ويتخذ الأفراد والمنشآت الخاصة، مع المؤسسات الأخرى، قراراتهم الاقتصادية الخاصة بهم. وتشكل هذه القرارات قوى اقتصادية مثل العرض والطلب والأرباح والأسواق والأسعار والمنافسة وتوزيع الدخل.
المستهلكون:
هم أناس يستعملون السلع والخدمات. وفي الاقتصاد الرأسمالي يحدد المستهلكون ما يجب أن يُنتج وذلك عن طريق الأشياء التي يختارون شراءها. ويستعمل الاقتصاديون مصطلحي العرض والطلب للمساعدة على توضيح الكيفية التي يؤثر بها المستهلكون على الإنتاج. فإذا افترضنا ـ على سبيل المثال ـ أن آلاف الناس أقبلوا على شراء أسطوانة جديدة محددة ، فإن محلات بيع الأسطوانات تبدأ عندئذ في طلب المزيد من نُسخ هذه الأسطوانة من الشركة التي تُصنعها، فيتعين عليها أن تزيد من إنتاجها منها. وهكذا تنتج الشركة كميات عرض أكبر من الأسطوانة لأن الناس زادوا من الطلب عليها. فإذا اشترى الناس نُسخًا أقل من الأسطوانة بعد مضي بعض الوقت، فإن المحلات ستطلب نُسخًا أقل من الشركة. وستنتج الشركة نُسخًا أقل حينذاك.
الأعمال والأرباح:
ُتنتج الكثير من مشروعات الأعمال الأشياء التي يرغب فيها المستهلكون. فقد يمتلك فرد واحد منشأة صغيرة ويقوم بتشغيلها، مثل صالون للحلاقة أو محطة للمحروقات. وقد يُكّون اثنان أو أكثر شراكة بينهما لتأسيس مشروع عمل. وقد تكون الأنواع الأخرى من مشاريع الأعمال شركات كبيرة الحجم، يمتلكها العديد من الناس. وتنتج بعض المنشآت السلع، مثل الأغذية والملابس،كما ينتج البعض الآخر خدمات، مثل النقل وبرامج التلفاز.
والمعلوم أن الهدف الرئيسي لمعظم مشاريع الأعمال هو تحقيق الأرباح، والأرباح هي ما تكتسبه المنشأة من أعمالها فوق إجمالي التكاليف. وتتضمن تكاليف إنتاج حُلة من القماش مثلاً، تكلفة القماش وأجر العمال الذين يحيكون الحُلة ونفقات المعدات والآلات، وتكلفة الإعلان عن الحُلة، وهكذا. ويجب أن يتضمن سعر الحُلة كل هذه التكاليف ـ فضلاً عن ربح للشركة التي تصنع الحُلة.
وبارك الله فيك الرغبة في تحقيق الأرباح مديري الأعمال إلى إنتاج السلع والخدمات، التي يطلبها المستهلكون وبيعها لهم. ويؤثر دافع الربح على المديرين، ويدفعهم إلى تنظيم أعمالهم وتشغيلها بكفاءة. ويمكن للمنشأة، بتخفيض الوقت الضائع والمواد الخام، أن تخفض من تكاليف إنتاجها، ومعنى هذا أن التكاليف المنخفضة تعني أرباحًا مرتفعة. ويساعد المديرون في تقرير كيفية إنتاج السلع والخدمات، وذلك بالطريقة التي ينظمون بها الإنتاج ويديرونه في سبيل تحقيق الأرباح.
على أن الحصول على أعلى قدر من الأرباح ليس هو الدافع الوحيد للشركات. فكثير من الاقتصاديين يعتقدون أن هنالك أهدافًا أخرى تدفع برجال الأعمال في العديد من الشركات إلى العمل، نظرًا لإحساسهم بأهميتها. وقد تتمثل هذه الدوافع في أشياء مثل تحقيق أقصى قدر من المبيعات لمنتج معين، أو زيادة قيمة أصول الشركة، أو الوجود الفعلي للمنشأة، وانتشارها في أكبر عدد ممكن من البلدان.
ولكلمة الأرباح أكثر من معنى ؛ فعلى وجه التحديد، لا يفهم المحاسب الأرباح فهم الاقتصادي لها؛ فقد تُظهر شركة أرباحًا بالمعنى المحاسبي، لكنها تكون خاسرة بالمعنى الاقتصادي. ويكمن أحد الفروق المهمة بين الاقتصادي والمحاسب في أن الاقتصادي يخصم تكاليف معينة من مقياس الأرباح، بينما يضمن المحاسب تلك التكاليف في الأرباح. وقد تكون هذه التكاليف إيجارًا للأرض والمباني التي تشغلها الشركة في إدارة أعمالها. وفي واقع الأمر فقد تمتلك الشركة الأرض والمباني. ويعتقد الاقتصاديون أن القيمة السوقية لهذا الإيجار يجب أن تُخصم من الأرباح بحكم أنها تكلفة، ولكن يرى المحاسبون أن من الواجب ضمها إلى الأرباح.
كثير من المستشفيات والجامعات والمنظمات الخيرية والكثير من المؤسسات الأخرى، لا تحاول أن تحقق أرباحًا، على الرغم من أنها تعرض سلعًا وخدمات يريدها الناس. وتبيع بعض هذه المؤسسات اللاربحية ( التي لا تُعنى بالربح ) سلعها وخدماتها، بينما يوزَّع بعضها الآخر دون مقابل. ومع ذلك يُفترض في مديري هذه المؤسسات العمل على إنتاج السلع والخدمات بكفاءة، وبصورة اقتصادية. ولكن بوسعهم أيضًا أن يُتابعوا أنشطة وأهدافًا قد لا بارك الله فيك إلى تحقيق الأرباح.
الأسواق والأسعار والمنافسة
كلما جرى تبادل بالبيع والشراء للسلع والخدمات برز سوق للوجود. وقد تكون السوق محلاً تجاريًا صغيرًا على النطاق المحلي، كما قد تكون سوقًا عالمية للأسهم. وفي الأسواق الكبيرة، قد لا يلتقي معظم البائعين والمشترين البتة، إذ قد يمارسون أعمالهم بوساطة شبكات الهاتف أو التلكس أو الفاكس أو الحاسوب.
وفي الاقتصاد الرأسمالي تصعد الأسعار في الأسواق وتهبط، كلما ارتفع الطلب أو العرض أو انخفض. فإذا افترضنا أن 100,000 أسرة تريد شراء سيارات جديدة، في حين جرى إنتاج 90,000 سيارة فقط، فعلى هذا تفوق الكمية المطلوبة الكمية المعروضة، وربما يحدو هذا بالبائعين إلى حُسبان أن الكثير من الأسر على استعداد لدفع المزيد لحيازة إحدى السيارات المحدودة العدد. ونتيجة لذلك، فقد يرفع البائعون أسعار السيارات. وفي الوقت نفسه، يبدأ المصنعون في إنتاج المزيد من السيارات. وذلك لبيع المزيد منها لزيادة أرباحهم. وفي النهاية، ومع إنتاج المزيد من السيارات، تبدأ الكمية المعروضة في اللحاق بالكمية المطلوبة.
وفي الاقتصاد الرأسمالي أيضًا، توفر مشاريع الأعمال منتجات متشابهة، ويتنافس بعضها مع بعض من أجل كسب المشترين. ونتيجة لذلك، ينبغي على مشروعات الأعمال أن تفرض أسعارًا معقولة وأن تحافظ على مستوى مرتفع من الجودة لمنتجاتها. فعلى سبيل المثال، إذا رفعت إحدى البقالات سعر كيس من السكر، فقد يفضل زبائن تلك البقالة شراء الكمية نفسها من بقالة أخرى بسعر أقل من السعر السابق. ورُبّ منشأة تقدم لزبائنها منتجات قليلة الجودة تخسر أولئك الزبائن، الذين يفضلون شراء منتجات أعلى جودة من مكان آخر.
وتُعد المنافسة أمراً ضروريًا في الكثير من النظم الاقتصادية الرأسمالية، إلى درجة أن الحكومات سنت قوانين لفرض المنافسة. وتمنع هذه القوانين الاتفاقيات بين البائعين التي تتدخل في أداء المنافسة، كما تحظر قوانين أخرى معظم أشكال الاحتكارات. وفي الاحتكار، تتحكم شركة واحدة في عرض سلعة معينة. كذلك تمنع قوانين أخرى قيام معظم اتحادات المنتجين وبعض الاتحادات الاحتكارية الأخرى والاتحادات التي تتكون من مجموعات من المنشآت تتحكم في كل ما يرتبط بصناعة معينة أو بمعظمها. انظر: مكافحة الاحتكار، قوانين.
توزيع الدُّخول
في ظل الرأسمالية، يعتمد تحديد من يحصل على السلع والخدمات المنتجة اعتمادًا أساسيًا على الذي يمتلك القدرة على شرائها. وتعتمد الكمية التي يستطيع الناس شراءها من السلع والخدمات على حجم الدخل الذي يتلقونه.
ويكسب الناس دخلهم بوسائل متعددة. فمعظم الناس يتلقى دخله على هيئة أجور أو رواتب مقابل العمل. وتتلقى مشاريع الأعمال دخلها في صورة أرباح تعود على أصحابها. ويمتلك الشركة أولئك الذين يشترون جزءًا من أسهمها ويتلقون دخلهم عادة في صورة أرباح موزعة. ويتلقى مُلاّك الأَرض والعقارات دخلهم في صورة إيجارات. أما أصحاب السندات والحسابات الادخارية فيتسلمون العائد على هيئة فائدة. وينتفع كثيرون من البرامج الحكومية، حيث يتسلمون مدفوعات تحويلية، مثل الضمان الاجتماعي وعلاوات التقاعد. ويسمى إجمالي الدَّخل المتحصل عليه في البلاد الدخل القومي. وفي البلدان الصناعية، تمثل الأجور والمرتبات ومستحقات الموظفين عادة حوالي ثلاثة أرباع الدخل القومي.
وفي ظل الرأسمالية، يكسب الناس دخلهم بإنتاج السلع والخدمات التي يطلبها المستهلكون. وتؤثر قوى العرض والطلب كذلك في مقدار دخل الفرد. فعلى سبيل المثال؛ من المتوقع أن تدفع شركة صناعية مبالغ أكثر لمديري المصنع من تلك التي تدفعها للعمال غير المهرة؛ إذ تدفع المنشأة أموالاً أكثر للمديرين لأن مبيعات المنشأة وأرباحها تعتمد اعتمادًا كبيرًا على نوعية القرارات التي يتخذها المديرون. وكذلك قد يندر توافر المديرين بالمقارنة مع العمال، ومن هنا يضطر أصحاب العمل إلى إنفاق أموال أكثر ليتمكنوا من جذب هؤلاء.
وفي كثير من الصناعات، يتجمع العمال في منظمات لمحاولة زيادة دخلهم. ويتفاوض العمال عن طريق نقاباتهم مع أصحاب العمل لتحديد الأجور، وساعات العمل، وقوانين الأمن والسلامة، والظروف الأخرى المحيطة بعملهم. ويُمكن أن تتسبب زيادة الأجور في بعض الصناعات الكبيرة، مثل الفحم والحديد، في زيادة الأجور على نطاق الاقتصاد كله. ويتمتع العمال في بعض الصناعات بحماية قوانين الحد الأدنى من الأجور التي تُجيزها الحكومات. وتُحدد هذه القوانين الحد الأدنى الذي يُمكن لصاحب العمل أن يدفعه لعامل مقابل ساعة من العمل.
وفي الاقتصاد الحر، تؤدي الادخارات والاستثمارات الخاصة دورًا مؤثرًا في النمو الاقتصادي. فحين يدّخر الناس جزءاً من دخلهم، يصبح من الضروري عليهم أن ينفقوا أموالاً أقل على السلع الاستهلاكية والخدمات. ومن هنا يتوافر المزيد من الأموال لصنع الآلات وبناء المصانع. ويُمكن للمدخرين إيداع أموالهم في المصارف التي تقوم بدورها بإقراض مشاريع الأعمال. كذلك يُمكن للمدخرين أن يستثمروا أموالهم في الأَسهم والسندات التي تطرحها الشركات. وبأموال هؤلاء المستثمرين، يُمكن للمنشآت أن تزيد من مواردها الصناعية. وفي الاقتصاد الرأسمالي، تعتمد سرعة نمو الاقتصاد اعتمادًا كبيرًا على مدى استطاعة المستهلكين وشركات الأعمال الادخار والاستثمار.
الحكومة والاقتصاد
تشارك الحكومة حتى في ظل النظم الرأسمالية، في الكثير من الأنشطة الاقتصادية المهمة. وللحكومات الرأسمالية عادة أربع تَبِعات رئيسية تضطلع بها، فهذه الحكومات :
1- تسن القوانين التي تؤثر في النشاط الاقتصادي، وتشرفُ على تنفيذها.
2- تُنشئ الصناعات الخدمية العامة. 3- تُوفر السلع والخدمات للجمهور .
4- تعمل على تحقيق الاستقرار الاقتصادي. ويختلف الاقتصاديون حول المدى الذي يجب أن تبلغه الحكومة في قيامها بكل التبعات السابقة.
القوانين
في النظام الرأسمالي، يعتمد الناس على الحكومة في سَن القوانين التي تُؤمن العدالة الاقتصادية. وترمي هذه القوانين إلى منع الناس والشركات من الاستفادة من أوضاعهم الخاصة على حساب الآخرين، ولكن تلك القوانين لا تؤدي دائمًا، الغاية منها أداءً جيدًا.
وفي الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية، تختص الكثير من هذه القوانين بالمنافسة التي تجري على نطاق الأعمال. وتمنع قوانين أخرى الإعلانات المضللة أو المؤذية. كذلك تحدد قوانين أخرى معايير ظروف العمل المطلوبة، والحد الأدنى للأجور، كما تمنع أصحاب الأعمال من رفض استخدام أناس، أو الامتناع عن تقديم قروض لهم بسبب العنصر أو الجنس أو العمر. وفي السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، أضافت الكثير من البلدان الرأسمالية في غرب أوروبا، مثلاً، النظم الخاصة بحماية البيئة من المزيد من الضرر الذي قد يحيق بها، وبصورة خاصة من الملوثات.